في ذكرى بيعة العقبة الأولى وسفيرها “مصعب بن عمير”: عاش مترفًا في الجاهلية ومات شهيدًا

img ]

شباب الإسلام … أوَّل سفير في الإسلام مُصعب بن عمير رضي الله عنه

img ]

كان من أنعم غلمان مكة وأجودهم حلة مع أبويه فترك كل ذلك. فما لبث أن صار أول سفير في الإسلام، رحل إلى المدينة داعية ومُعلمًا لأهلها، حمل الراية، في غزوة أحد وقاتل قتالًا شديدًا، مُتمسكًا بعلَم المسلمين!، إنه الشهيد البطل مصعبُ بن عمير بن هشام البدري القرشي، لما بلَغ مصعبَ بن عمير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم بن أبي الأرقم، دخل عليه فأسلم وصدَّق به، وخرج فكتم إسلامه خوفًا مِن أمِّه وقومه، وكان يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سرًا، وقد أسلم في السنوات الثلاث الأولى منِ الدعوة، قبْل أن يصدع النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالدعوة، لكنّ الواشين مِن المُشركين لمَّا علموا بإسلامه سارَعوا إلى الوشاية به عند أمِّه وقومه، قال تعالى: «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً»، فغضبوا عليه وحبسوه وأوثقوه، فلم يزل محبوسًا حتى فرَّ بِدِينِهِ وهاجر إلى الحبشة. أصابه مِن التعذيب والبلاء ما غيَّر لونه، وأنهك جسمه، روى البخاري في صحيحه مِن حديث خبّاب بن الأرَتّ رضي الله عنه، قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مُتوسِّد بُردة له في ظلِّ الكعبة، قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: «كان الرجُل فيمَن قبلكم يُحفر له في الأرض فيُجعل فيه، فيُجاءُ بالمنشار فيُوضع على رأسه، فيشق باثنتين، وما يصُدُّه ذلك عن دِينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه مِن عظم أو عصب، وما يصُدُّه ذلك عن دِينه، واللهِ ليتمنَّ هذا الأمْر حتى يسير الراكب مِن صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله أو الذئبَ على غنمه، ولكنكم تستعجلون».

بعد الهجرة النبوية، صاحب مصعب النبي الذي آخى بينه وبين سعد بن أبي وقاص، وقيل بينه وبين أبي أيوب الأنصاري، وقيل ذكوان بن عبد قيس. شهد مصعب مع النبي محمد غزوة بدر وغزوة أحد، وكان فيهما حامل لواء المهاجرين، وقد قُتل مصعب بن عمير في غزوة أحد قتله ابن قمئة الليثي، حيث هاجمه ابن قمئة وهو يحمل اللواء، وضرب يد مصعب اليُمنى فقطعها، فأخذ اللواء باليسرى فقطعها ابن قمئة، فضم مصعب اللواء بعضديه إلى صدره، فطعنه ابن قمئة برمح في صدره فقتله. لم يترك مصعب عند مقتله إلا بردة من صوف، أرادوا تكفينه بها، فكانوا إذا غطوا رأسه بدت رجلاه، وإذا غطوا رجليه بدا رأسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: غطوا رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر»، وتولى دفنه يومها أخوه أبو الروم بن عمير وعامر بن ربيعة وسويبط بن سعد، وكان عمر مصعب حين قُتل 40 سنة أو يزيد.

أثنى عليه النبي عدة مرات في حياته وبعد وفاته، ومن ثنائه عليه:

لما رآه النبي مقبلًا وعليه إِهاب كبش قال: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي قَدْ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ، لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَيْنَ أَبَوَيْنِ يُغَذِّوَانهُ بِأَطْيَبِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَدَعَاهُ حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى مَا تَرَوْنَ.

وبعد مقتل مصعب في غزوة أحد، مر عليه النبي، مقتولًا فقرأ الآية: « مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا».

سفير إندونيسيا بالقاهرة: الأزهر مؤسسة علمية تنشر سماحة الإسلام في العالم

img ]